إستكمل “الملتقى الاقتصادي التركي العربي التاسع” الذي تنظمه مجموعة “الاقتصاد والأعمال” بالاشتراك مع الحكومة التركية ممثلة بوزارة المال وجامعة الدول العربية وبالتعاون مع كل من بورصة إسطنبول، الوكالة الحكومية لدعم وتشجيع الاستثمارات في تركيا ISPAT، ومجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية في تركيا DEIK، أعمال اليوم الثاني بعرض قدمه نائب رئيس وكالة دعم وتشجيع الاستثمارات في تركيا أحمد إردم تناول فيه الفرص الاستثمارية المتاحة في السوق المحلية.
إردم
وقد أوضح إردم في عرضه أهمية الاستثمار في تركيا، حيث لفت الى أن “عدد السكان يتجاوز الـ 76 مليون نسمة، ومن المتوقع ان يصل الى نحو 94 مليوناً في 2050″، معتبراً أن تركيا “لديها نسبة شباب هي الأكبر على الصعيد الأوروبي”، مشيراً الى أن “هناك 57 مليون مستخدم للبطاقات الإئتمانية، 70 مليوناً للجوال، و33 مليوناً للإنترنت”، مضيفاً: “تركيا تأتي في المرتبة 17 في انتاج السيارات، والثامنة في تصنيع الحديد على مستوى العالم”، موضحاً في الوقت نفسه “أهمية السياحة بالنسبة الى الاقتصاد الوطني، حيث زار تركيا في العام الماضي نحو 36 مليون سائح”.
وعن الاسباب الموجبة للإستثمار في تركيا، إعتبر انها “من اكبر الاقتصاديات الناشئة بنسبة نموّ سنوي يصل الى 5 في المئة خلال الـ 11 عاماً الماضية، كما ان نمو الناتج المحلي الإجمالي من المتوقع ان يتراوح في حدود 5.1 في المئة ما بين 2012 و 2017، وهي من اكثر الدول تطوراً وفي قلب اكبر الأسواق الواعدة في العالم، وموقعها يسمح لها الوصول الى 56 دولة حول العالم، أي نحو مليار ونصف مليار نسمة خلال 4 ساعات”، لافتاً الى ان “هناك عدداً كبيراً من المنشآت العالمية التي نقلت مراكزها الى تركيا مثل كوكا كولا التي تصل منتجاتها من تركيا الى نحو 90 دولة وGE الى 80 دولة وغيرها من المنشآت”. متابعاً: “93 في المئة من الصادرات التركية البالغة 153 مليار دولار العام الماضي هي صناعية، حصة منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا كانت 13 في المئة في 2002 لتصل الى 24 في المئة في 2013”.
وبالنسبة الى المناخ الاستثماري في تركيا، أشار الى اصلاحات بنيوية يخضع لها الاقتصاد الوطني منذ 2002 ولاسيما في مجال تعزيز الشفافية في مجال الاستثمار، وخصوصاً في مجال معاملة المستثمرين الأجانب كما معاملة المستثمرين المحليين نفسها. وأضاف: “لدينا نظام محفّز للاستثمار، وقد وصلت قيمة الاستثمارات الأجنبية في تركيا حتى 2013 نحو 137 مليار دولار، 10 مليارات منها استثمارات عربية من خلال 4 آلاف مستثمر عربي”، داعياً الى المزيد من تدفق الاستثمارات العربية الى تركيا.
“الاستثمار في البلدان العربية”
أعقب ذلك جلسة جاءت بعنوان “الاستثمار في البلدان العربية”، استعرض فيها المتحدثون المشاريع الحالية والمستقبلية في عدد من البلدان، وناقشوا استراتيجيات وفرص الاستثمار الأساسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. أدار الجلسة المدير التنفيذي في مجموعة “الاقتصاد والأعمال” وليد أبو زكي وتحدث فيها كل من وزير الدولة للشؤون المالية الصومالي عبدالله محمد نور، وزير الدولة للشؤون المالية السوداني مجدي حسن ياسين، رئيس مجلس إدارة شركة المستثمر للأوراق المالية السعودية عبدالله الفوزان، نائب رئيس اللجنة الوطنية للاستثمار العراقية سالار محمد أمين، مدير منطقة الشرق الأوسط في شركة “تاف” التركية يوسف آكسايوغلو، المنسق الوطني لبرنامج الواحة الجنوبية في الوكالة الجنوبية المغربية محمد حميمد، واخصائي خدمات المستثمرين في هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بمنطقة دقم في عمان صالح حمود الحسني.
حسن ياسين
بداية، أشار الوزير حسن ياسين الى ان”السودان واجه في الفترة الماضية تحديات كبيرة جداً ودفع ثمناً باهظاً ثمن السلام، حيث ان انفصال الجنوب قد اخذ 70 في المئة من الموارد النفطية و90 في المئة من الموارد النقدية الأجنبية”، معتبراً “اننا اليوم نتجه الى وضع المزيد من الاصلاحات الاقتصادية، وقد اشارت آخر تقارير صندوق النقد الدولي الى ان نسبة نمو الاقتصاد الوطني السوداني في 2014 سيصل الى نحو 3.6 في المئة، ومن المتوقع ان يصل الى 4.4 في 2015″، معتبراً ان مجال الاستثمار في السودان رحب ويتمتع بحوافز كثيرة”.
وتطرق الوزير السوداني الى مبادرة الأمن الغذائي العربي التي أطلقها الرئيس عمر البشير في قمة الرياض، لافتاً الى ان “العالم العربي يعيش فجوة في مجال الأمن الغذائي تصل الى نحو 37 مليار دولار، ومن المتوقع ان تصل الى 60 ملياراً في غضون 10 سنوات”. متابعاً: “نحن في السودان لدينا الموارد المائية والزراعية، حيث يشكل القطاع الزراعي نحو 31 في المئة من اجمالي الناتج المحلي ويعمل فيه نحو 57 في المئة من العمالة”. في المقابل، أشار الى ان “الاستثمار في مجال النفط بات واعداً في السودان، وكذلك الأمر في مجال التنقيب عن المعادن ولاسيما الذهب، وقد بدأنا باستقطاب الشركات العالمية لهذا القطاع”.
محمد نور
بدوره، قدّم الوزير محمد نور عرضاً حول فرص الاستثمار في الصومال، معتبراً انه على الرغم من سنوات الحرب الا ان البلاد تتجه الى تهيئة مناخ استثماري مشجع. وقال: “اليوم لا يتم استخراج النفط والغاز الطبيعي في الصومال، لكننا ندرك ان لدينا احتياطاً موجوداً، ونؤمن ان الاستثمارات في مجال الطاقة من النفط والغاز ستأتي في اقرب وقت”، مشيراً الى ان “الصومال تمتلك مقومات الاستثمار في عدد من القطاعات الأخرى مثل البنية التحتية والنقل والتعليم والصحة والزراعة والمياه والصرف الصحي وصناديق الاستثمار والاتصالات والتقنية والاعلام”. ولفت الى ان الطاقة اليوم في الصومال باهظة الثمن والشركات العاملة قليلة في هذا المجال، والحكومة تحاول قدر المستطاع تسهيل الاستثمار في هذا الإطار عبر العديد من الإعفاءات الضريبية”، معبراً عن إيمانه ان بلاده ستتحول الى مركز جاذب للإستثمار في الوقت القريب.
الفوزان
من ناحيته، لفت الفوزان الى ان المملكة العربية السعودية تتمتع بعدد من المميزات الجاذبة للاستثمار، مشيراً الى ان عدد السكان يصل الى حدود 27 مليوناً منهم 8 ملايين من المقيمين الأجانب، كما تمتلك السعودية احتياطاً نقدياً اجنبياً في الخارج يصل الى نحو 717 مليار دولار، مشيراً الى انه ما بين 2008 و 2011 وصل حجم الاستثمارات الأجنبية في المملكة نحو 120 مليار دولار. متابعاً: “السوق المالية السعودية فتية وتنمو يوماً بعد يوم. تحوي اليوم 11 مليون مستثمر ومدرج فيها 159 شركة، ويصل حجم استثماراتها الى نحو 510 مليارات دولار”. في المقابل، اعتبرت سوق العقارات في المملكة من أكثر الأسواق الواعدة وتمتلك إمكانيات كبيرة للاستثمار، كما ان الدخول اليها اليوم ما زال محدوداً جداً من قبل الشركات الأجنبية، في حين ان السوق تحتاج الى 200 الف وحدة سكنية سنوياً.
هذا، واشار رئيس مجلس ادارة “المستثمر” الى ان المملكة اليوم تعيش نهضة عمرانية وهناك نحو 230 مليار دولار مشاريع قائمة من المخطط ان تنتهي هذا العام.
آكسايوغلو
بدوره، اشار آكسايوغلو الى ان “اي شركة اليوم عندما تدخل سوقاً أجنبية يهمها اولاً الاستقرار السياسي والأمني، في حين ان الدول التي تسعى الى جذب الاستثمارات يهمها أيضاً وجود شركات تقدّم نوعية عمل جيدة وجودة عالية، وهذا ما نقوم به في شركة “تاف”، مشيراً في الوقت عينه الى ان “عامل عدم الاستقرار هو الذي دفعنا الى تجميد مشروع بناء المطار في ليبيا، ونحن ننتظر عودة الاستقرار حتى نستأنف نشاطنا”.
الحسني
من جهته، عرض الحسني لمزايا الإستثمار في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، مشيراً الى أهداف المشروع الذي يسعى الى التنويع الاقتصادي، معتبراً في الوقت عينه الى ان سلطنة عمان تحظى بإستقرار سياسي وأمني وبميزة جغرافية ، اضافة الى وجود بنية تحتية للنقل والمواصلات، كما تمتاز بثروة سمكية وموارد معدنية، لافتاً الى عدد من المحفزات التي تقدمها السلطنة في منطقة الدقم كعدم وجود ضرائب على الاستثمارات الأجنبية، كما بإمكان المستثمر الأجنبي تملّك المشروع 100 في المئة.
وختم مشيراً الى الفرص الاستثمارية الموجودة في الدقم والمتمثلة في عدد من التجمعات التي تسعى الهيئة الى بنائها، ومنها التجمع السكني والتعليمي والتدريبي والسمكي والصناعي، والسياحي اضافة الى المرفأ، لافتاً الى ان “الهيئة عند تأسيسها في 2012 استقطبت استثمارات بنحو 9 ملايين ريال عماني، وفي العام الماضي نحو 185 مليوناً، وفي الربع الأول من 2014 نحو 95 مليوناً، وما زال لدينا الكثير من الفرص”.
حميمد
أما حميمد، فعرض لمناخ الاستثمار في ما سماه “المغرب الصحراوي” وذلك من خلال 5 محاور تطرق فيها الى البيئة الاستثمارية في المغرب، ثم تحدث عن الصناعات المحلية التي تشكل برأيه محرك الاستثمارات، مشيراً الى توجه الحكومة المغربية لإنشاء منطقة صناعية بهدف استقطاب المزيد من الاستثمارات في المجال الصناعي، عارضاً لأهم المحفزات والدعم المادي والفني الذي تقدمه الحكومة لمختلف المستثمرين الراغبين بالاستثمار في بلاده.
وكان الملتقى قد اختتم أعمال اليوم الأول بجلسة حملت عنوان “الآفاق المستقبلية للمصارف والأسواق المالية”، ناقشت دور المصارف التركية في زمن التحديات، وسلّطت الضوء على ضمانات الحكومة على القروض للمشاريع الكبيرة من حيث تقييم المخاطر والمنافع، إضافة إلى التركيز على آفاق الأسواق المالية التركية والاستثمار في المصرفية الإسلامية. أدار الجلسة الخبير المتخصص في مجموعة “الاقتصاد والأعمال” طارق زهنان، وتحدث فيها كل من مدير الأبحاث الاقتصادية والتخطيط الاستراتيجي في مصرف أوديا بنك التركي فرحات يوكسلترك، رئيس المؤسسات المالية في البنك الخليجي القطري أوليفيه ناجير، مدير المبيعات والتسويق في البنك العربي التركي كودرات مونتيسوغلو، ومدير إدارة المصرفية الاستثمارية في كيو انفست – تركيا أحمد تاسر.
وقد تركّزت نقاشات المتحدثين على الفرص الواعدة الموجودة في السوق التركية في مجال التمويل، حيث تمّ وصف السوق بـ “المتعطشة”، في ظلّ وجود مشاريع ضخمة بمئات المليارات بحاجة الى تمويل. وأجمع المتحدثون أن هذا الواقع يخلق منافسة قوية بين البنوك العاملة في تركيا، وأشاروا في الوقت عينه إلى أن الدول العربية ولاسيما الخليجية منها تمتلك السيولة وبإمكانها المساهمة في عمليات التمويل، متوقعين زيادة في نسب طلب القروض وذلك لمواكبة النموّ الحاصل في حجم الأعمال في تركيا.
الجدير ذكره، ان الملتقى كان قد استقطب في دوراته السابقة رؤساء حكومات: لبنان، سورية، قطر، العراق، فلسطين، الصومال إضافة إلى نحو 50 وزيراً من وزراء المالية والخارجية والاقتصاد والاستثمار، ناهيك عن مشاركة نحو 6 آلاف من قيادات الأعمال العربية والتركية.